بواسطه روضة إبراهيم الإثنين , 4 أغسطس 2025 ,9:39 ص
دور الوالدين في تنمية الذكاء العاطفي لدى الأطفال. في عالم يتزايد فيه الضغط الاجتماعي والنفسي، لم يعد التفوق الأكاديمي وحده كافيًا لنجاح الطفل في الحياة. بل أصبح الذكاء العاطفي أحد أهم المهارات التي تحدد قدرة الإنسان على التفاعل بإيجابية مع الآخرين، اتخاذ قرارات حكيمة، والتعامل مع مشاعره بوعي. وهنا يظهر بوضوح دور الوالدين في تنمية الذكاء العاطفي لدى الأطفال، حيث يقع على عاتقهما بناء الأساس النفسي والعاطفي الذي يستند إليه الطفل طوال حياته. دعونا نتعرف أكثر على دور الوالدين في تنمية الذكاء العاطفي لدى الأطفال، من خلال الموضوع التالي من لهلوبة.
ما هو الذكاء العاطفي؟
الذكاء العاطفي هو قدرة الفرد على فهم مشاعره ومشاعر الآخرين، وتنظيم هذه المشاعر بطريقة صحيحة تساعده على التفاعل بإيجابية مع المواقف المختلفة. ويتضمن الذكاء العاطفي مهارات مثل:
ولا شك أن دور الوالدين في تنمية الذكاء العاطفي لدى الأطفال يبدأ من السنوات الأولى للطفل، بل وربما منذ ولادته، من خلال الطريقة التي يُحتضن بها ويُستجاب لاحتياجاته.
أولى الخطوات في دور الوالدين في تنمية الذكاء العاطفي لدى الأطفال هي توفير بيئة عاطفية يشعر فيها الطفل بالأمان. فالطفل الذي يعرف أن مشاعره مسموعة ومفهومة ولا يُسخر منها، ينمو وهو يثق في نفسه وفي الآخرين. يجب على الوالدين أن يظهروا التعاطف مع الطفل حتى لو لم يتفقوا مع سلوكه، مثل أن يقول الأب: "أفهم أنك غاضب لأن اللعبة كسرت، وأنا هنا لأساعدك."
أحد أهم أدوار الوالدين هو تعليم الطفل التعرف على مشاعره وتسميتها. فعندما يغضب الطفل أو يشعر بالحزن، يجب أن يساعده الوالدان في التعبير عن هذه المشاعر بالكلمات، لا بالبكاء أو السلوك العدواني. استخدام عبارات مثل "هل تشعر بالإحباط؟" أو "هل هذا يجعلك تشعر بالحزن؟" يساعد في تطوير المفردات العاطفية لديه، ويُعد من أهم أساليب دور الوالدين في تنمية الذكاء العاطفي لدى الأطفال.
لا يكفي أن يعرف الطفل مشاعره فقط، بل يجب أن يتعلم كيف يُديرها. وهنا يظهر دور الوالدين في تنمية الذكاء العاطفي لدى الأطفال من خلال نموذج السلوك. عندما يرى الطفل والديه يتعاملان مع الغضب بصبر، أو يعالجان الخلافات بهدوء، سيتعلم هو الآخر كيف يضبط نفسه. كذلك يمكن تعليمه تقنيات بسيطة مثل التنفس العميق أو العد إلى العشرة عندما يغضب.
التعاطف هو أحد الركائز الأساسية للذكاء العاطفي. ويُعد دور الوالدين في تنمية الذكاء العاطفي لدى الأطفال ضروريًا في هذا الجانب من خلال طرح أسئلة مثل: "كيف تعتقد أن صديقك شعر عندما كسرت لعبته؟" أو "ما الذي يمكنك فعله لتجعله يشعر بتحسن؟". هذا يساعد الطفل على الخروج من دائرة الذات والتفكير في الآخرين، مما ينمّي حس التعاطف لديه.
القصص، سواء الحقيقية أو الخيالية، تُعتبر وسيلة فعالة لغرس مفاهيم الذكاء العاطفي. يمكن للوالدين استخدام قصة قصيرة تحتوي على موقف عاطفي معين، ثم مناقشته مع الطفل. كيف شعر البطل؟ ماذا فعل؟ هل كان من الأفضل أن يتصرف بطريقة مختلفة؟ هذا النوع من الحوار يعزز من دور الوالدين في تنمية الذكاء العاطفي لدى الأطفال ويجعل التعليم ممتعًا وغير مباشر.
من المهم تعليم الطفل كيف يعبر عن نفسه بوضوح وبدون عدوانية. استخدام العبارات الإيجابية مثل "أنا أشعر بـ..." بدلاً من "أنت جعلتني أغضب" يُعلّم الطفل تحمل مسؤولية مشاعره. كما يجب تشجيعه على الاستماع للآخرين والانتباه للغة الجسد، وهذه من المهارات الأساسية التي يساهم فيها دور الوالدين في تنمية الذكاء العاطفي لدى الأطفال.
العقاب القاسي أو التهديد أو الاستهزاء بمشاعر الطفل يدمر ثقته بنفسه ويقلل من وعيه العاطفي. بدلاً من ذلك، يجب على الوالدين استخدام التوجيه الإيجابي والتشجيع على السلوك السليم. هذا يرسّخ مفهوم أن لكل شعور طريقة مناسبة للتعبير عنه.
تنمية الذكاء العاطفي ليست مهمة تُنجز في أسبوع أو شهر. بل هي عملية طويلة تتطلب صبرًا واستمرارية. دور الوالدين في تنمية الذكاء العاطفي لدى الأطفال يُبنى يومًا بعد يوم، من خلال التفاعل اليومي، والمواقف الحياتية، والانتباه لاحتياجات الطفل النفسية.
اجعل من الذكاء العاطفي جزءًا من حياة الطفل اليومية، سواء أثناء اللعب، أو في مواقف الخلاف، أو حتى عند مشاهدة التلفاز. ناقش معه المشاعر، التصرفات، والخيارات المتاحة. كل لحظة هي فرصة تعليمية تُعزز من دور الوالدين في تنمية الذكاء العاطفي لدى الأطفال.
في الختام، لا شك أن دور الوالدين في تنمية الذكاء العاطفي لدى الأطفال هو عامل أساسي في بناء شخصية الطفل المستقبلية. فالطفل الذي يُدرك مشاعره ويتحكم بها، ويتعاطف مع الآخرين، سيكون أكثر توازنًا ونجاحًا في الحياة الاجتماعية والمهنية. لذا، فإن الاستثمار في الذكاء العاطفي منذ الطفولة هو استثمار حقيقي في مستقبل مشرق لأبنائنا.
1,861 مشاهده
1,357 مشاهده
501 مشاهده